فسكنت نفسه إلى ذلك واستجاب حينئذ وأنزلت به إلى طيّارى بعد أن غيّرت زيّه فإني وجدته ملتفّا في قطن حشو جبّة وفي رجله نعل خشب مربعة. قرية على باب دمشق من جهة باب الفراديس وهو في الأصل اسم قبيلة من اليمن سميت القرية باسمهم لسكناهم بها فيما أحسب وقيل الأوزاع بطن من ذي الكلاع من حمير، وقيل: اسعار نوافذ الالمنيوم من همدان وقال بعض النسابين اسم الأوزاع مرثد بن زيد بن سدد بن زرعة بن كعب بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث ابن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن هميسع بن حمير نزلوا ناحية من الشام فسميت الناحية بهم وعدادهم في همدان ونهيك بن يريم الأوزاعي روى عن مغيث بن سمي الأوزاعي روي عنه أبو عمرو الأوزاعي، وقال يحيى بن معين نهيك بن يريم الأوزاعي ليس به بأس يروى عنه وقال الأوزاعي اسمه عبد الرحمن بن عمرو وحدثني نهيك بن يريم الأوزاعي لا بأس به. فلمّا صار على فرسخ واحد من عسكر السلطان آخر يوم الاثنين لعشر خلون من ذي القعدة بات بموضعه ليلته وباكر المسير إلى قنطرة نهر زبارا. وكان أبو عبد الله محمد ابن أبي موسى الهاشمي أخذ في أيام ناصر الدولة فتوى الفقهاء والقضاة بإحلال دمه فأظهرها في هذا الوقت فلمّا كان بعد أسبوع من القبض عليه استحضر الفقهاء والقضاة وأحضر أبو الحسين البريدي وجمعوا بين يدي المستكفي بالله وأحضر السيف والنطع ووقف السيّاف بيده السيف وحضر ابن أبي موسى الهاشمي ووقف فقرأ ما أفتى به واحد واحد من إباحة دمه على رؤوس الأشهاد وكلما قرأ فتوى واحد منهم سأله هل هي فتواه فيعترف بها حتى أتى على جماعتهم وأبو الحسين البريدي يسمع ذلك كلّه ويراه ورأسه مشدود والسيف مسلول بإزائه في يد السيّاف.
» فأذن لهما واقتدى بعليّ بن بويه جماعة من القوّاد لما صار عليّ بن بويه وأخوه أبو عليّ إلى مرداويج فقبلهما وأكرمهما وخلع عليهما وقلّد كلّ واحد من قوّاد ما كان ناحية من نواحي الجبل. ثم لبس الأمير الخلع وكنّى ولقّب بمعز الدولة ولقّب أخوه أبو الحسن علي بن بويه بعماد الدولة وأخوه أبو على الحسن بن بويه بركن الدولة وأمر أن تضرب ألقابهم وكناهم على الدنانير والدراهم وانصرف بالخلع إلى دار مونس. وقبض الأمير أبو الحسين على أبي عبد الله الحسين بن علي بن مقلة وذلك لوصول رقعة له إليه يطلب فيها مكان ابن شيرزاد. فلمّا وضع صدر الطيار للعبور فطن وقال « هوذا يعبر بي إلى دار ابن طاهر » وأراد أن يرمى بنفسه إلى الماء فتقدمت إلى غلماني بضبطه فضبطوه إلى أن أصعدت به إلى داره من دار ابن طاهر فأقام فيها مدة ثم خرج في يوم جمعة إلى المسجد الجامع في مدينة المنصور مطابخ المنيوم وأخذ في أن يتصدق فرآه أبو عبد الله ابن أبي موسى الهاشمي فمنعه من ذلك وأعطاه خمسمائة درهم وردّه إلى داره. وفي المحرم منها مات توزون في داره ببغداد فكانت مدة إمارته سنتين وأربعة أشهر وسبعة عشر يوما ومدة كتابة ابن شيرزاد له سنتان وستة عشر يوما.
وقبض على الوزير أبي الفرج السامرّيّ وصودر على ثلاثمائة ألف درهم فكانت مدة وقوع اسم الوزارة عليه اثنتين وأربعين يوما. فلمّا كان يوم الجمعة لليلتين خلتا من صفر أجمع الجيش بأسره على عقد الرياسة له وحلفوا له وأخذ البيعة عليهم لنفسه وحبوه بالريحان على رسم العجم. وقلد أبو جعفر ابن شيرزاد ينال كوسه أعمال المعاون بواسط والفتح اللشكري أعمال المعاون بتكريت فأمّا الفتح اللشكري فإنّه خرج إلى عمله بتكريت فلمّا وصل إليها امتدّ إلى ناصر الدولة فقبله وأكرمه وقلّده تكريت من قبله وردّه إليها. فأمّا والدة بختيار وأخواه وابنه ومن نهض معهم من أسبابهم وبقية الديلم والأتراك المرسومين بهم فإنّهم ساروا إلى دمشق لائذين بألفتكين المعزى وهو الذي حارب عضد الدولة بديالى وانهزم من بين يديه. ثم أوقع بهم المسلمون فلم يبق منهم كبير أحد وكان للمرزبان بن محمد بن مسافر في ذلك أثر كبير وعناء عظيم وقد ذكرناه في موضعه. وورد أبو محمد الحسن بن محمد المهلّبي صاحب الأمير أبي الحسين أحمد بن بويه ولقي ابن شيرزاد حيث هو مستتر وفاوضه ثم انحدر إلى دار السلطان ولقي المستكفي بالله فأظهر المستكفي بالله سرورا بموافاة الأمير أبي الحسين أحمد بن بويه وأعلمه أنّه إنّما استتر من الأتراك لينحلّ أمرهم فيحصل الأمر للأمير أحمد بن بويه بلا كلفة. ورد الخبر بدخول ينال كوسه في طاعة الأمير أبي الحسين أحمد بن بويه وأنّ الأمير قد تحرّك من الأهواز يريد الحضرة فاضطرب الأتراك والديلم ببغداد وأخرجوا مضاربهم إلى المصلّى وعسكروا هناك وأخرج أبو جعفر مضربه معهم.
وأخرج ابن شيرزاد تكين الشيرزادى إلى الجبل فهزمه أصحاب أبي على أبي محتاج وانصرف إلى بغداد. مما يساعد على منع نمو العفن والفطريات. » فنتج من ذلك وغيره مما لم يظهر خلعه من الخلافة. وكان الغمازون يغمزون بمن عنده قوت من حنطة أو عدّة لعياله فكبسه وأخذه وكان قد انتصب للغمز بذلك وغيره وبمن يرمق بنعمة رجلان من السعاة يعرفان بهاروت وماروت فكانا يصلان إلى ابن شيرزاد في الأسحار والخلوات ويمضيان أيضا إلى دار المستكفي بالله فلحق الناس منهما أمر عظيم وكذلك من الضرائب فإنّها كثرت حتى تهارب التجار من بغداد وعاد هذا الفعل بالخراب وفساد الأمر وزيادة الإضاقة فاحتيج إلى مصادرة ابن عبد العزيز الهاشمي وإخوته. وورد الخبر على ابن شيرزاد وهو بهيت وكان خرج إليها لمواقفة أبي المرجّى ابن فيان على مال ضمانه وكان قد أخّره وطمع في ناحيته بموت توزون واضطرب العسكر ثم اجتمعوا على عقد الرياسة لابن شيرزاد. فلمّا جلس المستكفي بالله على سريره ووقف الناس على مراتبهم دخل أبو جعفر الصيمري وأبو جعفر ابن شيرزاد فوقفا في مرتبتهما ودخل الأمير معز الدولة فقبّل الأرض على رسمه ثم قبّل يد المستكفي بالله ووقف بين يديه يحدثه ثم جلس على كرسيّ وأذن لرسول كان ورد من خراسان ورسول ورد من أبي القاسم البريدي.